التنمية وجدلية الانسان والطبيعة
التنمية وجدلية الانسان والطبيعة
No Thumbnail Available
Date
2013-02
Authors
علي, جلال الدين الطيب محمد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
UOFK
Abstract
هنالك اتفاق عام على أن تنمية الإنسان ورفاهيته المادية وغير المادية هما الهدف النهائي لكل جهد فكري ونشاط بشري قصدي . ولذلك حظيت قضية التنمية باهتمام فائق، وجهد مكثف لتحقيقها ، برغم كل ذلك ورغم الثورة العلمية والتقنية الهائلة ورغم النمو المضطرد لثروات العالم ظلت التنمية حلماً يراود من بعيد معظم سكان العالم، ويزداد حرمانهم حدة. وهنالك اتفاق أيضاً على أن ثالوث عملية التنمية هو الإنسان والطبيعة ورأس المال كقوة اجتماعية. وفي إطار هذا الثالوث برزت مدارس واتجاهات عديدة لمعالجة هذا التناقض الحاد بين تعاظم ثروات العالم وتزايد أعداد فقرائه . تختلف هذه المدارس والاتجاهات في ارتكازها على إحدى أو بعض الأسس ألاقتصاديه والتقنية والبيئية والاجتماعية لفهم الواقع الراهن للتنمية وتفسيرها ، وصولاً لمعالجة مشكلة التخلف.
تهدف الورقة لتقديم إسهام متواضع في هذا الجدل ، محاولة وضع الحوار حول التنمية في إطاره التاريخي بمحدداته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والآيدولوجية والبيئية. وتنطلق الورقة من القناعة بجدلية العلاقة، بل التوحد، بين التنمية والإنسان والطبيعة. فالإنسان جزء من الطبيعة يشترك مع مكوناتها الحية الأخري في الغرائز الطبيعية وفي التعرض لقوانين الطبيعة وقواها، ولكنه في الوقت ذاته مغيٌر للطبيعة بقصد ووعي، وهو يستمد مقومات وجوده وحركته من الطبيعة. تتجلي هذه الجدلية في وجود عنصر بشري في الطبيعة وعنصر طبيعي في الإنسان، وفي عدم وجود قانون للطبيعة بمعزل عن محاولات الإنسان للسيطرة عليها، وعدم وجود نشاط بشري خارج الطبيعة. يوجد هذا التفاعل بين الإنسان والطبيعة تناقض داخلي بين محاولة الإنسان تحرير نفسه من قيود الطبيعة، من جانب، ووحدته اللصيقة بالطبيعة من الجانب الآخر.
يهدف تفاعل الإنسان مع الطبيعة إلى إحداث نمو للإنتاج، وهذا النمو لايعني التنمية التي يجب النظر إليها كعملية متواصلة وليس كحالة ثابتة، تهدف إلى تلبية الاحتياجات المادية وغير المادية للإنسان وتركز علي فئات السكان الأكثر حرماناً . والتنمية في جوهرها ليست إجراءات تكنيكية، ولكنها ذات طبيعة اجتماعية مرتبطة بالتنظيم الاجتماعي للإنتاج والتوزيع والسلطة. يتطلب إحداث التنمية واستمرارها ألمحافظه على الموارد الطبيعية وتطويرها، وتنظيم الإنتاج والمجتمع بصورة تؤدي إلى تناغم العلاقة بين المجتمع والبيئة، وإلى إثراء النظم الايكولوجية، أي أكلجة عملية التنمية باستخدام المنهج الايكولوجي السياسي في إحداثها.
ترتبط إشكالية التنمية والبيئة بالنظام الاقتصادي الرأس مالي العالمي الذي تطور من نظام سائد إلى نظام شامل، متعاظم النفوذ والتأثيرات، ومتعدد الأدوات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية والآيديولوجية. الوظيفية التاريخية لهذا النمط من الإنتاج هي التراكم من أجل التراكم، محكوماً بقانون حركة رأس المال إلى حيث معدل التراكم الأعلى جغرافياً وقطاعياً . لتحقيق هذا الهدف تعد الطبيعة مستودعاً للموارد ليستغلها رأس المال بصورة مبددة – كما يستغل الإنسان الذي حوله إلى سلعة – بتفعيل مفهوم الإنتاج من أجل الإنتاج ومقابله الجدلي الاستهلاك من أجل الاستهلاك . كما يعمل النظام على خلق التباينات وتعميقها بين المجتمعات وشرائحها وبين اقتصادات الدولة والأقاليم ، وتقسيمها إلى مراكز وأطراف، ونقل القيمة الاقتصادية من الأطراف إلى المراكز عبر التبادل غير المتكافئ في التجارة الدولية، والقروض، والاستثمارات المباشرة.
يمكن مواجهة الفقر والتخلف عموما بتوفير مقومات التنمية الايكولوجية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والبيئية والمؤسسية ، وبتأسيس مجتمع تختفي فيه العداوات الاجتماعية، والعداوات مع الطبيعة .
Description
Keywords
التنمية,جدلية, الانسان ,الطبيعة