دراسةٌ لبعض قضايا المعرفة – سورة الكهف نموذجا

Abstract

ترمي هذه الدراسة في واحد من أهم مناحيها إلى الإسهام في زيادة الوعي لدي المسلم المعاصر بأهمية العودة إلى المنهج النبوي في التعامل مع القرآن الكريم بحيث يغدو النص القرآني حاضرًا وشاهدًا وفاع ً لا في الحياة الإنسانية . وإذا تحقق ذلك فإن دارس القرآن الكريم في عصرنا الراهن لا بد أن تلتقيه الفلسفة بمباحثها وتساؤلاتها القديمة المتجددة عند هذا المنعطف أو ذاك ؛ إذ أن قضايا الإنسان الوجودية هي عين القضايا التي قال فيها القرآن القول الفصل . لقد سعت هذه الدراسة إلى تحقيق النظر في أمر المعجزة القرآنية ، فخلصت إلى أن النص القرآني إنما يجيء معبرًا على استمرار تلك المعجزة وخلودها ، وهذا الامتداد والخلود هو أخص ما يميز معجزة الرسالة الخاتمة عن سائر معجزات الرسل السابقين ، وهو في ذات الوقت ما يمنح النص القرآني المشروعية والقدرة على مرافقة الإنسان في مسيرته الحضارية والتاريخية . وأكدت الدراسة أن تلمس سر المعجزة القرآنية وتحسس عصب شمول ذلك الإعجاز وتبين حيويته _ وهي سمات يتفرد بها النص القرآني _ لا يتأتي إلا من خلال رؤية معرفية كلية تتبصر النص القرآني وفق سياق معرفي نتجاوز به محاصرة ذلك النص وتجميده في اطار بئية ثقافية أو حقبة تاريخية معينة . وخلص البحث إلى أن تلازم صفت  ي الإعجاز والتيسيير هو الأمر الذي يعبر بجلاء عن تفرد النص القرآني ويقود لآفاقه الرحبة . ومن هنا طرح الباحث مفهوم نورانية القرآن الكريم كمفهوم أساسي ينطوي على قضية الضمان الإلهي على صعيد المعرفة ، وهو ضمان ظل مدار بحث الفلاسفة منذ آمادٍ بعيدة وعبرعنه بوضوح الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت . ودعت الدراسة إلى عدم النظر إلى النص القرآني باعتبار أن آياته مجرد نصوص معرفية جامدة تتحرك في اتجاه تحليل فكرة ما بطريقة موضوعية مستوفي ً ة لأبعاد تلك الفكرة من جميع زواياها وأبعادها المختلفة ؛ بل لا بد من التدقيق والتبصر في خطاب الوحي بحسبان أن مقصده يتجه في المقام الأساسي 7 نحو بناء الإنسان السوي وتقوية نوازع الخير فيه . ووفق ذلك فإن الدارس سيتلمس خطاب الوحي وهو يستوعب كافة قضاياه ، ويتحرك ليغطي كافة اتجاهات المعرفة الإنسانية . اتجهت الدراسة في محاولة لتطبيق القراءة الفلسفية للنص القرآني من خلال دراسة بعض قضايا المعرفة كما طرحتها سورة الكهف ، فأشار البحث بداي ً ة إلى أن السورة تجيء مشبعة بالتصورات والرؤى المعرفية ، وهي تصورات ورؤي ما تفتأ تؤكد الرؤية التوحيدية بحيث يغدو المفهوم القرآني للمعرفة أوسع وأشمل من كافة التصورات التي درج الفلاسفة يطرحونها في صعيد المعرفة . وخلصت الدراسة إلى أن سورة الكهف تؤكد عظمة البناء والمنظومة المعرفية المستندة إلى تلك الرؤية التوحيدية ، ومن ثم انتهت الدراسة إلى أن النص القرآني ينطوي على قدرة لا متناهية ومستمرة لتقديم تفسير ورؤية متكاملة للحقيقة المطلقة التي ما فتيء الإنسان يسعى إلى إدراكها من وراء بحثه الدؤوب حول المعرفة .