البنيّوية أفلسفةُُ هي أم منهج
البنيّوية أفلسفةُُ هي أم منهج
No Thumbnail Available
Date
2015-05-24
Authors
هناء محمد أبو زينب, محمد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
UOFK
Abstract
لمّا كانت الأمة العربية والإسلامية تمتلك حضارةً عريقةً وإرثاً أدبياً وثقافياً ، كان الأجدر بأجيالها أن يتشرّبوا ذلك التراث ويفهموه حق الفهم ويدافعوا عنه دفاع الثائر عن شرفه ومجده . جال بصري في المجلات الفكريّة الحديثة فتلمست يداً خفيّة تحاول أن تعبث بتراث هذه الأمة ، ووقع بصري على فكرة دارت كثيراً في كتابات النقد الحديث ومن بعد في كتب اللسانيات وهي ظاهرة الفكر البنيوي ، لا شك أنها ظاهرة منهجيّة حين تسلّط الضوء على وصف اللغات بصورة مقارنة ، ولكنها تصبح رؤية فلسفية وطـريقة في التفكير حين تجبر اللغات على السير في خط ثقافي واحد ، ذلك الخط الذي تسلسل عبر فكرة النحو العالمي والثقافة الكليّة . وكان السؤال الجوهري الذي يدور في ذهني هل هذا الفكر يشكّل عقيدة أم أنه منهج ؟ فجاء بحثي بعنوان (البنيويّة أفلسفةٌٌ هي أم منهج) استهل البحث بلمحةٍ سريعةٍ عن الاختراق الثقافي والاستعمار الفكري ، مقدمةً رمت بنا إلى أولى فصول البحث ومباحثه التي انحصرت في العلاقة بين اللغة والتفكير كي نستظهر الصراع الفكري القديم بين الشكل والمضمون واللفظ والمعنى انتهاءً بتفريق سوسير بين اللغة والكلام في آواخر القرن التاسع عشر . ولمّا كان الفكر البنائي فكراً علمياً موضوعياً تمثل رائدوه بنظريات علميّة كثيرة ، ولا سيما نظريات علم النفس اللغوي ، أتى المبحث الثاني بعنوان اللغة وعلم النفس وأشرنا إلى ذلك ليكون عوناً لنا لفهم مفاهيم تشومسكي وسوسير حول القدرة اللغوية أو الكفاية والأداء الفعلي أو الكلام ، وآثرنا في ذلك عرض مفهوم الملكة والاكتساب عند العرب والغربيين كي يكون فاصلاً لهذه الحركة العلمية التي لجأت إلى فطريّة الإنتاج الإنساني للوصول إلى لغة آدمية بريئة عن هذا التعقيد والقوانين الصارمة التي تحد من إبداعيته ، هكذا كان زعم تشومسكي ، فكان خاتمة مباحث الفصل الأول الحديث حول اللغة والفكر لربط الفكر الغربي الحديث بجذور الجدل اللغوي القديم تجزيراً لهذه القضايا الفلسفيّة ، ومعرفة مصادرها . ولمّا كانت هذه الأفكار منطقيّة تستعصم باستدلالات المنطق الرياضي . كان الفصل الثاني بعنوان اللغة والمنطق وفصّلناه على ثلاثة مباحث تناولت على الترتيب اللغة والمنطق بصورة عامة ثم تطبيقات على صلة اللغة بالمنطق إلى أن وصلنا إلى القضية الفلسفية الأولى للفكر البنائي وهي الفكر الكلي ، وجاء المبحث الثالث بعنوان اللسانيات والفكر الكلي . وحتى تتضح الصورة أكثر جعلنا الفصل الثالث مدخلاً لبوادر الفكر الكلي أو النحو العالمي فعرضنا قضايا النحو التحويلي التوليدي وعقدنا مبحثاً لمقارنة النحو التوليدي بالنحو النظامي حتى نثبت أن الإهتمام بالنحو من دون جوانب اللغة الأخرى كان هدفاً استراتيجياً وغاية كبرى من غايات الفكر الكلي حاولنا إثبات أن النحو صورة اللغة وبنية تفكيرها وبالتالي يعكس رؤية أصحاب اللغة عن العالم والكون وكانت مباحث النحو بنيويّة تصف اللغة وتحدّد رؤية الجماعة اللغوية نحو العالم وبعد أن أوضحنا أن النحو مرآة اللغة التي تعكس فكرها أردفنا ذلك بوصف شامل وتوصيف دقيق لنحونا العربي وأجرينا مقارنة بين المنهج الوصفي البنائي والمعياري وأوضحنا مدى إهتمام العربية بالمعنى وارتباطه بالشكل الإعرابي وكانت المقارنات في ثلاث مباحث وفقاً للمحاور الآتية :- المحور الأول : المنهج الوصفي والمعياري . المحور الثاني : النحو النظامي والنحو التوليدي . المحور الثالث : المعنى المعجمي والنحوي . أما الفصل الرابع فكان شرحاً وافياً لمفهوم البنيويّة ونشأتها وتطورها ورؤيتها المستقبلية تجاه اللغة ، ويدور الفصل الخامس حول الأسلوب والفكر البنائي تركّز على مباحث ثلاثة ، لمّا ركّزت البنائية على القول بإبداعية اللغة وفطريّة الإنتاج ، كان الانحراف الأسلوبي مرتكزاً لها في دعم توجهها وإهتمت بالدراسات الأسلوبية من جانب الانحرافات أو ما يسمى بالاستعارة والمجاز وجاءت المباحث لتوضيح فلسفة القول باللغة العادية واللغة المثالية والمفارقة بين نمطي اللغة وموقف العرب من هذين المستويين الفني والعادي وموقف النصوص العربية من القول باللغة الفنيّة أو النظريّة الشعريّة بالمفهوم البنيوي . وتأسيساً للقول بأن البنيويّة عقيدة وفكر ثوري راديكالي ، ختمنا فصولنا بالفصل السابع الذي شرح أصول البنيويّة في الدراسات الاثنولوجيا في فصلٍ أول ، والفكر الماركسي والبنيويّة في فصلٍ ثاني ثم من بعد ذلك ربطنا فكرة تحليل النصوص وهي دراسة نقدية سميت في العصر الحديث بالنقد الألسني أي النقد الذي يشرح اللغة باللغة ويستنبط منها فكرة خفية أو عقيدة كامنة فألتقى النقد بالفكر البنائي في هذه الدراسة التحليليّة وكانت رؤية للعالم والكون تبحث عن البنية التحتيّة للنص وفقاً لمنظور الثقافة الكليّة أو فكرة النسق أو النظام الذي لا يحيد عنه نصٌٌ إلا كان فاشلاً أو عاجزاً عن التحليل وهذا تقييم من نوع آخر لكل نصٍ لا يندرج تحت مفهوم العلامات ، وأي ظاهرة لغوية لا تأتي تحت مفهوم النحو العالمي فهي ظاهرة لا تستحق العملية ولا المقارنة . وذلك ما تطويه هذه الصحاف القلائل عسى أن يكون مانعاً لأيدي العبث وسداً منيعاً لكل فكر لا ينبع من ثقافتنا ولا يراعي لغة نصوصنا المقدسة .