المواطنـة والهويـة والأقليات والثقافات الفرعية في السودان

Abstract

كانت، ولا تزال، قضايا الهوية، والمواطنة، والأقليات، والثقافة تمثل تحدياً للبناء الوطني والدولة القومية، خصوصاً في ظل التنوع الذي يتمتع به السودان، و لا يزال السودان في طور البناء الوطني حتي بعد انفصال الجنوب، إذ أن خارطة التعددية والتنوع لم تتغير كثيراً بانفصال الجنوب. وهنالك العديد من القضايا الشائكة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية إدارة التنوع، لذلك فإن هنالك حاجة حقيقية وماسة لسبر أغوار تحديات المواطنة والهوية. القول السائد أن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، ولكن رغم كل شي فإن البكاء في بعض الأحيان قد يكون مفيداً للتذكير بما يحدث من أخطاء على أمل تفادي تكرارها مستقبلاً، إن لم يكن ممكناً مراجعتها في حينها. ويصدق هذا عندما نعود بذاكرتنا لما حدث قبل أقل من عامين، حيث كان أمامنا خياران في تلك اللحظة الحاسمة التي تاهت علينا فيها علامات الطريق. كان الخيار الأول لكل أهل السودان حينها التقدم في اتجاه خيار الوحدة على أساس المواطنة الحقة ذات الحقوق المتساوية والمصالح المشتركة والأهداف الإستراتيجية العليا في الإطار الوطني والإقليمي إفريقياً وعربياً. أما الخيار الثاني فهو التوجه نحو التشرذم عبر طرح هويات مختلفة تستند على جذور تباين عرقي وديني، وتمجِّد الاختلاف والتمايز دون العمل على خلق وحدة فاعلة من خلال التحليل الدقيق لعناصر وأسباب هذا التباين والتمايز في المجتمع السوداني عامة. وقفنا عاجزين حيال معالجة قضايا الصراع بين المركز والهامش، مما قاد إلى عدم إمكانية بناء دولة قادرة على إدارة التنوُّع بصورة إيجابية، وعمدنا إلى بناء دولة القبيلة التي تؤطِّر التباين وتأدلج الصراع، وتدعم قيام مراكز إثنية متناحرة. تناقش هذه الورقة قضايا الهوية، والمواطنة، والثقافات الفرعية. وعوضاً عن التركيز على الجوانب المفاهيمية، تناقش الورقة الراهن السوداني وتحديات انفصال جنوب السودان، إذ إن التنوُّع الثقافي والعرقي ما زال وسيظل موجوداً يختبر مدي مقدرة الدولة السودانية علي التعامل معه بشتي صوره.